افتتح رئيس جمهوريّة البرازيل جايير بولسونارو فعاليّات المنتدى الاقتصادي العربي البرازيلي "المستقبل الآن"، الذي عقد افتراضيا وتنظّمه الغرفة التجارية العربية – البرازيلية بالتعاون مع اتحاد الغرف العربية وجامعة الدول العربية، وقد حظي المنتدى بحضور أكثر من 3 آلاف مشارك، إضافة إلى مشاركة رسمية واقتصادية بارزة من الجانبين العربي والبرازيلي، يتقدّمهم وزير الاقتصاد البرازيلي باولو غيديس، وزير خارجية البحرين عبد اللطيف بن راشد الزياني، وزير الدولة الإماراتي أحمد علي الصايغ، وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أمين عام اتحاد الغرف العربية الدكتور خالد حنفي، ورئيس غرفة التجارة العربية البرازيلية روبنز حنون، وأمين عام الغرفة العربية – البرازيلية تامر منصور،.
وسيستمر الحدث الافتراضي الذي بدأ أمسن الاثنين 19 تشرين الأول (أكتوبر) حتى يوم الخميس المقبل 22 أكتوبر (تشرين الأول) بجلسة عامة من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة 1:30 ظهراً، علما أنّه يتخلل المنتدى معرضا للشركات العربية والبرازيلية.
وأكد الرئيس بولسونارو أنّ "العلاقة اليوم بين البرازيل والدول العربية تمر بأفضل حالاتها على الإطلاق"، لافتا إلى أنّ "التقارب في المجال السياسي سمح لنا بإيجاد فرص جديدة للتعاون في قطاعات استراتيجية، كقطاع العلوم، والتكنولوجيا، والابتكار، والطاقة"، مشيرا إلى "إعلان حكومة المملكة العربية السعودية، نيّتها باستثمار 10 مليارات دولار أمريكي في الصناديق الحكومية البرازيلية. كما أنّ دولاً مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت لديها استثمارات في البرازيل حيث تتراوح قيمة هذه الاستثمارات، التي تمت بشكل فردي، بين 4 و5 مليار دولار. وأنا على ثقة بأننا سنقوم بمضاعفة هذه الأرقام. وفي الجانب الآخر، فإن حوالي 30 شركة برازيلية لها مكاتب تجارية ووحدات إنتاجية في منطقة الشرق الأوسط".
وشدّد على إجراء محادثات تبحث في إقامة شراكات عربية مع البرازيل في مجال التجارة والاستثمارات، موضحا أنّه "حتى في زمن الوباء، تمت مضاعفة الاجتماعات الافتراضية، ما يؤكد على الاهتمام المتبادل لتعزيز أواصر العلاقات"، معبّرا عن إيمانه بإمكانية الاستفادة من البنية التحتية لبلدان الخليج العربي من أجل تنويع وتوسيع نطاق دخول المنتجات البرازيلية إلى الأسواق الآسيوية. لافتا إلى أنّه "على الرغم من القيود التي فرضتها تداعيات فيروس كورونا، نكاد نقترب من الوصول إلى نفس قيمة الصادرات التي تحققت خلال كامل العام الماضي 2019، والتي بلغت حينها 4.9 مليار دولار"، مؤكّدا أنّه "بإمكان العرب الاعتماد والاتكال على الشراكة مع البرازيل في مجال الأمن الغذائي وتوريد المنتجات الحلال، تلك المنتجات المصنوعة على حسب الشريعة والقواعد الإسلامية".
وقال: "تحتل مصر المرتبة الأولى لوجهة الصادرات البرازيلية إلى القارة الأفريقية، وهي ثاني أكبر مشتري عربي للبضائع البرازيلية، ولديها اتفاقية تجارة حرة مع ميركوسور منذ العام 2017. كما أنّ المغرب التي نعيش معها اليوم حالة تقارب سياسي استثنائي، هي بالنسبة لنا شريك استراتيجي في المجال الزراعي لكونها مورّد أساسي للأسمدة. كذلك تعدّ الجزائر مورّد أساسي من القارة الأفريقية للبرازيل، وثالث أكبر وجهة للصادرات البرازيلية، مسبوقة بمصر وجنوب أفريقيا.
وختم: نشيد بالأدوار التي قام بها المهاجرون العرب في تشكيل بنية المجتمع البرازيلي، ومن هذا المنطلق نحن جاهزون لإنشاء جبهات حوار وتعاون جديدة، تهدف لوضع أطر تنظيمية قادرة على الارتقاء بالاستثمارات البرازيلية العربية إلى مستويات أعلى مما هي عليه الآن، ولأجل ذلك كونوا على ثقة بأن حكومتنا تعمل، ومستعدة للعمل في أي وقت من أجل تقوية العلاقات البرازيلية مع الدول العربية".
حنون
من جانبه أشار رئيس الغرفة العربية – البرازيلية روبنز حنّون، إلى أنّ "الدول العربية تسعى لأن تصبح، وهي تتحوّل فعلاً لتكون مرجعية عالمية في التكنولوجيا، والحفاظ على البيئة والانتاج المستدام. والبرازيل بدورها، سيكون لها دور بارز أكثر في الأمن الغذائي للشعوب العربية"، لافتا إلى أنّ "هناك الكثير من الإمكانات لإنشاء وتوسيع التحالفات"، موضحا أنّه "نظراً للظروف الراهنة، فإن الدول العربية ليست منتجة رئيسية للغذاء وتعتمد الى حد كبير على الواردات الغذائية، والبرازيل تعدّ مورّد مهم للعرب في هذا المجال، من هنا فإنّ قوّة العلاقات الثنائية بين البرازيل والدول العربية هائلة، ولا يزال هناك الكثير من العمل لتحقيق المزيد من التقدّم في هذا الإطار".
وأكد أنّ "البرازيل والدول العربية عرفت كيفية تنفيذ مجموعة من الإجراءات في المجالات الاقتصادية، والتجارية والثقافية التي سمحت ببناء هذا المستقبل"، لافتا إلى أنّ "جائحة كورونا غيّرت حياة الناس والشركات والحكومات من نواح كثيرة، ولأجل ذلك كان على العالم إعادة اختراع وإنتاج نفسه، ونحن في الغرفة العربية – البرازيلية دخلنا في عالم الثورة الرقمية لمواكبة المتغيّرات الحاصلة، وهذا يظهر جليّا من خلال وقائع هذا المنتدى الرقمي".
وقال: "يحافظ البرازيليون والعرب على علاقة ثنائية مميّزة، وهي مثال يُحتذى به في العالم، وبالتالي لا توجد حواجز وصعوبات لا يمكن معالجتها أو حلّها، حيث أنّ اقتصاداتنا متكاملة، وهذا يشكل أكثر من سبب كاف لإقامة شراكات أكثر اتساقاً وصلابة على المديين المنظور وفي المستقبل".
الزياني
وألقى وزير خارجية البحرين الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، كلمة أكد فيها أنّ "جائحة كوفيد-١٩غيّرت الكثير من المفاهيم والمعتقدات، وتركت تأثيرات عديدة اقتصادية واجتماعية وثقافية، وأكدت أن العالم فعلا قرية صغيرة، إلا أن التأثير الاقتصادي للجائحة، والتدابير غير العادية التي اتخذتها كافة دول العالم لاحتواء الفيروس والقضاء عليه للمحافظة على صحة الناس وسلامتهم، سوف يكون ملموساً لسنوات عديدة قادمة".
وأشار إلى أنّ "هذه الجائحة عززت الحقيقة الثابتة لدينا والتي تؤكد لنا جميعا أنّ التعاون الدولي الحقيقي والمشاركة الفاعلة هما الطريق الوحيدة والأفضل لتحقيق الازدهار الدائم في العالم أجمع"، مؤكدًا أنّه "على العالم أن يدرك أنّ الازدهار المشترك القائم على المصلحة المشتركة والاعتماد المتبادل هو الركيزة الأكثر ديمومة للسلام والأمن والاستقرار، فبينما تسعى دول العالم إلى أن تتجاوز تداعيات هذه الجائحة الخطيرة، فإن التعاون التجاري والاقتصادي يكتسب أهمية استراتيجية تتجاوز بكثير أي صفقة فردية أو قطاع محدد، حيث أنّ هذا التعاون سيكون المحرك الأساسي والدافع للانتعاش العالمي المنشود، وبناء إطار من الانماء والثقة يضمن أن يكون لبلداننا وشعوبها مستقبل مشرق من الفرص والأمل".
وأكد بأنّ الشركات العربية والبرازيلية ستكون في طليعة الراغبين والحريصين على اغتنام الفرص التي تتيحها أجواء السلم والاستقرار، مشيرًا إلى دعم مملكة البحرين الكامل لهذا التوجه الذي من شأنه أن يعزز التعاون الدولي في مواجهة مختلف التحديات العالمية بما فيها جائحة كوفيد 19، معتبرا أنّه "على الرغم من صعوبة الأوضاع التي تواجه دول العالم حاليا بسبب تداعيات جائحة كوفيد-١٩، إلا أننا على قناعة أكثر من أي وقت مضى بأن هذه الأزمة الصحية الطارئة ينبغي أن تدفعنا إلى البحث عن سبل زيادة التواصل وبناء شبكات أقوى للتعاون وإتاحة المزيد من الفرص بين رواد الأعمال والشركات والقطاع الخاص".
أبو الغيط
بدوره أكد أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على عمق وقوة العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والبرازيل والتي توطدت في العقدين الأخيرين، معتبرا أنّه "على الرغم من تغير الحكومات والتوجهات، فإن العلاقات القائمة بين الدول العربية والبرازيل تظل قائمة على تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والأواصر الأخرى التي تربط بين الشعوب"، لافتا إلى أنّ "جامعة الدول العربية تؤيد وتدعم بقوة تعزيز التعاون القائم مع البرازيل باعتبارها قوة اقتصادية ذات وزن في مجموعة العشرين"، مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والبرازيل لعام 2019 وصل إلى 12.2 مليار دولار، بما يجعل الدول العربية مجتمعة ثالث أهم شريك تجاري للبرازيل - بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
ونوه بالدور المهم الذي تلعبه غرفة التجارة العربية البرازيلية كجسر للتواصل بين كتلتين اقتصاديتين كبيرتين وواعدتين، مشيرا إلى أنّ الغرفة التجارية العربية البرازيلية حافظت على مدار عقود على علاقات تجارية مهمة بين الدول العربية والبرازيل، واستطاعت الحفاظ على تلك العلاقات، مشددا على حرص جامعة الدول العربية على التواصل مع الآخر وبالذات الدول الصديقة، معتبرا أنّ "المرحلة القادمة ستشهد تقلباتٍ اقتصادية نلمسها جميعاً، وتباطؤاً في النمو ستكون له آثاره على الاقتصاد الدولي، وهو ما يمثل دافعاً إضافياً لاغتنام الفرص التي يتيحها هذا المنتدى الاقتصادي من أجل فتح آفاق استثمارية غير تقليدية أمام كل من الاقتصادات العربية والاقتصاد البرازيلي".
أضاف: "هناك فرصاً أمام الاقتصادات الناشئة لتعزز من حيويتها وحضورها على المشهد الاقتصادي العالمي، خاصة بالنسبة للمجتمعات الشابة العامرة بالإمكانيات البشرية ورؤوس الأموال كما هو الحال في العالم العربي والبرازيل. وعلى هذا الصعيد من المهم دراسة مكامن الضعف في المنظومة الاقتصادية الدولية وهيكل التجارة الدولي، والتي كشفت عنها جائحة كورونا وتبعاتها، وقد يكون تحقيق شراكة استراتيجية في مجال الأمن الغذائي، من الموضوعات التي تستحق اهتماماً متجدداً. كما أنّ هناك بالطبع موضوعات أخرى كثيرة تتعلق بسبل إدارة التجارة في أوقات الأزمات، ودور التكنولوجيا، وكيفية تعزيز أمان سلاسل الإمداد في أوقات الأزمة، وجميعها موضوعاتٌ ستحظى بمناقشة مطولة ومثمرة خلال جلسات المنتدى".
حنفي
من ناحيته نوّه الأمين العام لاتحاد الغرف العربية الدكتور خالد حنفي، بالدور الذي تلعبه الغرفة التجارية العربية البرازيلية، على صعيد تحقيق التقارب وتعزيز التعاون الاقتصادي العربي – البرازيلي، مثمّنا مشاركة رئيس جمهورية البرازيل جايير بولسونارو في فعاليات المنتدى وإلقائه كلمة في الجلسة الافتتاحية الأمر الذي يدل على مدى حرص القيادة البرازيلية على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين العربي والبرازيلي.
ورأى حنفي أنّ "هناك مجالاً لتوسيع وزيادة الصادرات البرازيلية العربية، الأمر الذي يؤكّد الحاجة إلى ممر ملاحي مباشر يربط بين تلك الأجزاء من العالم"، لافتا إلى أنّ "اتحاد الغرف العربية بالتعاون مع شركائه في البرازيل ولا سيّما الغرفة العربية – البرازيلية، لن يتوقفا عن العمل على بناء علاقات شراكة استراتيجية بين العرب والبرازيليين".
وقال: "الصادرات من البرازيل إلى الدول العربية تنحصر تاريخياً بموضوع الغذاء، ولكن بالنظر إلى الإمكانات الموجودة هناك مجال كبير لتنمية التجارة وتنويعها".
واعتبر أنّ "وجود ممر ملاحي مباشر بين البرازيل والدول العربية أمر بالغ الأهمية لتوسيع الأعمال التجارية، حيث أنّ هذا المسار سيربط موانئ مختلفة، بما في ذلك واحد في طنجة بالمغرب وآخر في موقع قد يكون في الخليج".
وختم: "يعتبر ممر الشحن المباشر مشروع لوجستي رئيسي لجامعة الدول العربية واتحاد الغرف العربية وغرفة التجارة العربية البرازيلية، ونحن على وشك اتخاذ قرار استراتيجي بشأن الموانئ في هذا المسار القادم، والتي ستشمل محطات توقف في المغرب والخليج. من هنا يجب أن نعمل للوصول إلى تلك الأسواق، ولا يمكننا مطلقًا الاكتفاء ببساطة بالصادرات والواردات كما هي الآن، إذ لا بدّ من توسيع آفاقنا، ويمكن للشراكة الاستراتيجية أن تعزز العلاقات الاقتصادية بشكل كبير، وتضيف قيمة عبر قطاعات متعددة. حيث من خلال العمل معًا على هذا المشروع الحيوي، يمكننا دعم الموردين الصغار بنظام نقل مباشر سيكون مفيدًا للجميع".
الصايغ
أما وزير الدولة الاماراتي أحمد علي الصايغ، فأشار إلى أنّه "ما من شك في أن العالم العربي لديه روابط قوية مع البرازيل، وعلى هذا الصعيد تواصل الإمارات العمل على تحسين العلاقة مع البرازيل والتي تقوم على الاحترام المطلق".
وقال: "البرازيل كانت الشريك الأكبر لدولة الإمارات العربية المتحدة في أمريكا الجنوبية في عام 2019، وهناك إمكانية لتوسيع الأعمال التجارية بشكل كبير، حيث يوجد العديد من البرازيليين يعيشون في الإمارات العربية المتحدة، وقد أظهرت رحلة الرئيس جاير بولسونارو إلى البلاد في عام 2019 أن البلدين يحافظان على علاقات قوية وشاملة يدعمها الاحترام والثقة المتبادلان".
وشدد على أنّ "الإمارات تعدّ بوابة مهمّة إلى الخليج، مع وجود خطط لتصبح أكثر من ذلك، ومن الواضح أن البرازيل والعالم العربي لديهما أساس متين لتطوير علاقاتهما، حيث يمكننا مساعدة بعضنا البعض لنصل إلى ما نصبو إليه".
بوريطة
وناقش وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة الشراكات الدولية وتعزيز علاقات المغرب الممتازة مع الحكومة البرازيلية.
وكشف بوريطة عن أنّ المحادثات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين ميركوسور والمغرب مع البرازيل وصلت إلى مرحلة متقدمة، لافتا إلى أنّ "المحادثات مع الجانب البرازيلي جارية أيضا نحو الاستثمار الثنائي في الطاقة المتجددة والبنية التحتية، فضلا عن زيادة مبيعات الأسمدة والأسماك من المغرب إلى البرازيل".